أشاد عدد من المثقفين والدبلوماسيين والمحللين السياسيين، بمواقف الإمارات تجاه القضايا والملفات الإقليمية والدولية، واعتبروها واحة سلام ومنارة تسامح عالمية، وأشادوا برؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في نشر السلام والحفاظ على حقوق العرب عامة والحقوق الفلسطينية خاصة، وأشاروا إلى أن النهج الإماراتي نهج فاعل وإيجابي ومثمر، هدفه تعزيز الأخوة والإنسانية ونشر السلام.
فقد أكد الدكتور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رجل دولة عالمي، لتمكنّه من قيادة التحول في منطقة الشرق الأوسط باتجاه السلام والاستقرار وتركيز كافة الجهود على التنمية المستدامة لمصلحة شعوب المنطقة، مشيراً إلى أن معاهدة السلام تطور مهم صنعته الإمارات، وتعكس فهماً مختلفاً لمنطقة الشرق الأوسط، تنقلها من منطقة حروب إلى منطقة سلام، إضافة إلى دفاعها عن الفلسطينيين والحرص على أن تقوم الولايات المتحدة دائماً بمراقبة منطقة الضفة الغربية، والتأكيد على عدم تغيير حدودها.
مفترق طرق
من جهته، أشار عمر البيطار، دبلوماسي وسفير الإمارات السابق بجمهورية الصين الشعبية، إلى أن المنظومة الدولية حالياً على مفترق طرق، وقال: «الوضع خطير ومضطرب عالمياً، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ويزداد تأزماً يوماً بعد يوم، ويهدد جميع دول المنطقة بخطر داهم من جراء سعي دولتين هما إيران وتركيا، للهيمنة على جميع الدول العربية بل وعلى الدول الإسلامية، بالخداع والكذب، لتحقيق أجنداتهما الخاصة بإعادة أمجادهما التاريخية والوهمية على حساب القضية الفلسطينية، ولهذا لا بد من علاج جذري لهذه المشكلة قائم على تخفيف الاحتقان والسعي إلى استتباب الأمن والاستقرار من خلال حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، حيث لم يتبقَ من مساحة الأراضي شيء يذكر لإقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لحل الدولتين منذ أكثر من ربع قرن، علماً أن المواقف التاريخية المتفردة لدولة الإمارات، والتي تجسدها وتترجمها في وقتنا الحاضر مواقف ورؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وحكمته وسعيه الصادق، المتجذر من إرث وحكمة الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي يدعمه ويعززه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الإمارات، تلك المواقف التي كانت وما زالت تشرف الوطن العربي والأمة الإسلامية بأكملها، وهي ترقى إلى كتابة التاريخ العربي، الإمارات دوماً سباقة إلى الخير وإلى جمع الشمل العربي ورأب تصدعات العلاقات العربية، فلم تتنصل الإمارات يوماً عن واجبها القومي والعروبي، ولهذا سعت الإمارات لإيجاد فرصة حقيقية للسلام قبل أن يفوت القطار، فبادرت بمد يدها للسلام مع إسرائيل بشرط لم يكن يجرؤ عليه أحد، وهو وقف ضم إسرائيل للأراضي العربية، بحيث تكون الولايات المتحدة الأمريكية ضامنة لهذا التعهد، وتلك فرصة ذهبية لا بد أن تنتهزها القيادة الفلسطينية لتتلقف زمام المبادرة من الإمارات وتعود إلى طاولة المفاوضات ومن خلفها الدعم الكامل من الإمارات بما لها من ثقل لا يستهان به، ومكانة دولية حققتها على مدى نصف قرن.
وأضاف البيطار: لقد أصبحت الإمارات عاصمة التسامح والمحبة وعاصمة الإنسانية والسلام ولا ترضى بالهوان ولا بهضم حقوق الغريب فما بالك بالأخ والحبيب، الإمارات احتضنت شعب فلسطين قبل وبعد قيام الدولة، إن طموح الإمارات بتعزيز السلام والمحبة والإنسانية مبني على إحقاق الحق ومواصلة عجلة التنمية والازدهار والخير للبشرية، اليوم وفي أحلك الظروف وبينما جائحة «كورونا» تتسع، مدت الإمارات يدها لمساعدة أكثر من 100 دولة، فكيف لها أن تنسى أعز قضاياها قضية فلسطين.
مساعدات ومساهمات
من جهتها، أكدت عهدية أحمد، رئيس جمعية الصحفيين البحرينية، أن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل سوف تغير مجرى المستقبل، فمن خلال مكالمة واحدة قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، استطاع أن يوقف ضم الأراضي الفلسطينية، فما هو التصور الذي سوف يحدث بعد توقيع المعاهدة.
وأضافت: نحن بأيدٍ أمينة، فالإمارات دولة التسامح والتعايش، احتضنت وضمت الكثير من الجنسيات ويعيش فيها الجميع باحترام وسلام، لأنهم يعلمون بأن حقوقهم محفوظة، وهذه المبادرة أثبتت للعالم أن الانضباط الداخلي بالدولة سينعكس على مستوى دولي، الإمارات لها سيادتها ومواقفها المشرفة مع جميع قضايا العرب وهي دائماً على رأس قائمة من يقدمون المساعدات والمساهمات للدول العربية، وتثبت وبجدارة نجاحها في توصيل رسالة الحفاظ على حقوق الإنسان والحفاظ على أمن واستقرار البلدان، هذه القيادة الحكيمة بنت هذا البلد واستقراره، وقامت وعملت على مكتسبات من أجل الشعب، ودورها يستمر بأن تكون لاعباً أساسياً في السياسة الخارجية، وستظل سبَّاقة في كل ما يخص المحافظة على حقوق الإنسان.
وتابعت: صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، له رؤية استراتيجية متميزة وهو رجل لديه رؤية بعيدة المدى، كنا في نفس الدائرة لنحو 70 عاماً، واليوم سيتغير وهذا بسبب المبادرة التي يتخذها سموه وهو رجل حكيم وشجاع ونزيه ومبادئه وقيمه لا تتغير، وكالعادة لم نشاهد أو نلمس من عيال زايد إلا كل خير ومحبة للجميع، ونحن نقف مع الإمارات في التوقيع على المعاهدة وعلى أرض مشتركة قيادة وشعباً من أجل تحقيق السلام على مستوى دولي.
وأكدت: لا ننسى المواقف الإماراتية مع الشعب الفلسطيني، فهي احتضنت جالية كبيرة من الفلسطينيين، وقد تشرفنا بالمواقف الإيجابية لبعض الفلسطينيين اتجاه معاهدة السلام، القضية الفلسطينية كانت دائماً هي القضية الأولى للإمارات ودول الخليج، ومن حق الإمارات والبحرين أن تراعي مصالحها وعلاقتها بالدول الأخرى، وهذه المبادرة لن ينساها تاريخ العالم، وألف مبروك للشعب الإماراتي والبحريني ومواقفكم المشرفة تجاه قيادتكم وتجاه عملية السلام.
مستوى إنساني
بدوره، أكد الدكتور فهد الشليمي، المحلل السياسي، أن الإمارات انتهجت سياسة التسامح منذ القدم، وركزت عليها أكثر خلال الـ10 سنوات الفائتة، حيث أرادت انتهاج السلوك الجديد للسلام في الشرق الأوسط، وقال الشليمي: جرب الكثيرون أسلوب الحرب والتهديد والاستنكار دون جدوى، لمدة 72 سنة، مثل مصر التي استطاعت أن تحصل على كل أراضيها من خلال المفاوضات، والأردن كذلك، فالمفاوضات هي العامل الحاسم، والقضية الفلسطينية هي قضية عادلة ومصيرية، ولكن للأسف هيئة الدفاع عنها هيئة فاشلة، استخدمت طوال 72 سنة نفس المنهج ونفس المسلك ونفس المتطلبات.
وأضاف: شاهدنا تراجعاً في مساحة الأراضي الفلسطينية وتراجعاً اقتصادياً وزيادة في البطالة وانقساماً فلسطينياً خلق حالة من الجمود دعت دولة الإمارات إلى اتخاذ أسلوب جديد يخدم القضية فلسطينية وهو اتفاقيات السلام، وكانت لها مبادرات سلام في العديد من الدول وأثبتت نجاحها، وأصبح هناك أسلوب جديد في إدارة النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر وسيط ثالث، وهو استخدام القوة الناعمة الإماراتية، واستخدام القوة الاقتصادية والقوة الدبلوماسية، وقوة السمعة الطيبة لدولة الإمارات خلال العشر سنوات التي مضت، والتمدد السلمي المفيد المثمر لدولة الإمارات على المستوى الإنساني والخيري.
وتابع الشليمي: هذا الأسلوب الجديد يدخل في التأثير في المجتمع الدولي والإسرائيلي، وأعتقد أنه مهم جداً أن تحقق اختراقات طيبة داخل المجتمع الإسرائيلي، بالتركيز على الأشخاص الذين يدعون إلى السلام والتعايش السلمي، لكن اليمين المتطرف لا يريد هذا الموضوع، ودولة الإمارات اخترقت هذا الجدار، والدليل على كلامي أننا شاهدنا آلاف المغردين الإسرائيليين دعموا المعاهدة.
توافق سلمي
وأشار الشليمي إلى أن القيادة الفلسطينية تحتاج إلى أن تطور نفسها، وأن تضع العديد من المفكرين الذين يؤمنون بهذا المسار، لأن القضية الفلسطينية أصبحت داخلها دولة عميقة تضر بمصالحها عندما يكون هناك توافق سلمي.
والقضية الفلسطينية كانت بالنسبة لدول الخليج هي القضية الأولى، والحقيقة أنه آن الأوان بعد التهديدات ووجود محور تركي إيراني يهدد دول الخليج، وهناك تعاون ونجاح تستطيع أن تستثمره دولة الإمارات لتخدم قضايا السلام.
وقال الشليمي: «إضافة إلى نقطة أخرى، وهي النظرة الأمريكية للمنطقة، حيث تشير إلى أنه سوف يتم الانسحاب من المنطقة بعد 10 سنوات، بالتالي على دول المنطقة أن تقوم بالترتيبات، المحور الإيراني يشكلون خطراً علينا وقد حققت الإمارات نصراً سياسياً وإعلامياً وإنسانياً، وهناك فوائد اقتصادية مشتركة وعلمية مشتركة بين الإمارات وإسرائيل .
وأضاف: «الإمارات استفادت من الوضع وقدمت مشروع سلام يقوم على السلام والشراكة الاقتصادية والتسامح، وعلينا مساعدة مجموعات السلام الآن، وهي يسار الوسط واليسار المعتدل، ونقدم خطوات نحو السلام، نأمل أن تستمع الإدارة الفلسطينية لهذا الموضوع وتقدم على خطوة شجاعة للتعاون مع المشروع الإماراتي».
أسلوب جديد
يؤكد فهد الشليمي أن الإمارات تقوم على التسامح مع شعوب الأرض كلها لتبني اتفاقيات سلام مع الأرض كلها، بالتالي علينا أن نجرب هذا الأسلوب وهو اختراق المجتمع الدولي بأسلوب جديد بعيد عن التهديد والوعيد وخلق حالة من الاستقرار والسلم ومصالح مشتركة لحل هذه القضية الفلسطينية، سياسياً كل البيانات التي ظهرت من دولة الإمارات ومملكة البحرين تؤيد الحق الفلسطيني ولكن بأسلوب جديد.