تمكن فريق بحثي من جامعة "كيس ويسترن ريزيرف" الأميركية من تحقيق إنجاز طبي واعد عبر اكتشاف مركّبين جديدين قد يكون لهما دور حاسم في علاج التهاب الشبكية الصباغي، أحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى فقدان البصر التدريجي.
التهاب الشبكية الصباغي وأسبابه
يُعد التهاب الشبكية الصباغي من أبرز الأمراض المرتبطة بالطفرات الجينية، حيث تؤدي هذه الطفرات إلى مشكلات في طي البروتينات الغشائية، وأبرزها بروتين "الرودوبسين"، وهو عنصر أساسي في خلايا الشبكية المسؤولة عن الرؤية الليلية.
عندما تتأثر عملية طي بروتين الرودوبسين، يتراكم البروتين بشكل غير صحيح في خلايا الشبكية، مما يؤدي إلى تدهورها تدريجياً. هذه الآلية تفسر فقدان الرؤية المحيطية والليلية لدى المرضى، وفي بعض الحالات قد تتطور إلى العمى الكامل.
مركّبات جديدة تتجاوز العقبات الحالية
حاليًا، تعتمد العلاجات التجريبية على مركّبات الريتينويد (مشتقات فيتامين A)، التي تواجه مشكلات متعددة، مثل الحساسية للضوء، الثبات الكيميائي الضعيف، والآثار الجانبية السامة. في المقابل، اكتشف الباحثون مركّبين جديدين غير ريتينويديين قادرين على الارتباط ببروتين الرودوبسين، مما يساعد في تحسين طيه واستقراره.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة "بلوس بيولوجي" (PLOS Biology)، يتمتع المركّبان بقدرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي وحاجز الشبكية، وهي ميزة ضرورية للعلاجات المرتبطة بأمراض العين.
نتائج واعدة من التجارب المخبرية
في التجارب المخبرية، أظهر المركّبان تحسنًا في التعبير السليم للرودوبسين داخل خلايا الشبكية، حيث أثرت إيجابيًا على 36 نوعًا جينيًا مختلفًا من التهاب الشبكية الصباغي، بما في ذلك الأنواع الأكثر شيوعًا. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت المركّبات في حماية خلايا الشبكية من الانحلال لدى الفئران المصابة بالمرض، وأدت إلى تحسين صحة ووظيفة الشبكية وإطالة عمر خلايا المستقبلات الضوئية.
أمل جديد للمرضى
أكد الباحثون أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة نحو تطوير علاجات فعّالة لالتهاب الشبكية الصباغي، لكنه يحتاج إلى مزيد من الدراسات قبل الانتقال إلى التجارب السريرية على البشر. ويُعد هذا البحث بداية واعدة في السعي لتوفير علاج آمن ومستدام يمنع فقدان البصر التدريجي لدى المرضى الذين يعانون من هذا المرض الوراثي.
الرودوبسين.. البروتين الأساسي في الرؤية
الرودوبسين هو بروتين غشائي يوجد في خلايا العصي بالشبكية، ويلعب دورًا حيويًا في استشعار الضوء وتحويله إلى إشارات عصبية ترسل إلى الدماغ. الطفرات الجينية التي تصيب هذا البروتين تؤدي إلى اضطرابات هيكلية تعيق وظيفته الأساسية، مما يسهم في تطور أمراض وراثية مثل الضمور البقعي المرتبط بالوراثة.
نحو علاج مستقبلي
مع استمرار الأبحاث، يوفر هذا الإنجاز أملاً جديدًا لعلاج الأمراض الوراثية المرتبطة بطفرات بروتين الرودوبسين، ويؤكد أهمية البحث العلمي في تقديم حلول عملية لتحسين جودة حياة المرضى حول العالم.