على مدى أربعين عاماً، حلّقت "طيران الإمارات" من بدايات متواضعة بطائرتين مستأجرتين عام 1985 إلى أن أصبحت اليوم واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم بأسطول يضم 267 طائرة، وجاء هذا التحوّل المذهل ثمرة رؤية طموحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي وضع أسس نهضة جوية جعلت من الناقلة نموذجاً عالمياً في الابتكار والاستدامة والتفوق التشغيلي.
وخلال هذه الرحلة الممتدة، تحوّلت "طيران الإمارات" إلى جسر عالمي يربط أكثر من 153 وجهة في 81 دولة، حاملةً على متنها أكثر من 854 مليون مسافر منذ انطلاق أولى رحلاتها في 25 أكتوبر 1985.
هذه المسيرة المتواصلة من النمو والابتكار رسّخت مكانة دبي كمركز عالمي للطيران والسفر، وجعلت من الناقلة رمزاً للتميّز الإماراتي في سماء العالم.
انطلاقة واثقة نحو العالمية
اعتمدت "طيران الإمارات" منذ تأسيسها استراتيجية توسع مدروسة، بدأت برحلات محدودة إلى الهند وباكستان، قبل أن تمتد شبكتها سريعاً لتشمل وجهات جديدة في أوروبا والشرق الأقصى. وفي عام 1986، أطلقت رحلاتها إلى عمّان، كولومبو، القاهرة، ودكا، بينما مثّل مطار "هيثرو" البريطاني — أحد أكثر مطارات العالم ازدحاماً — التحدي الأكبر والطموح الأبرز للناقلة الساعية لترسيخ حضورها الدولي.
ومع توسع الشبكة، ازدادت الحاجة إلى طائرات جديدة، فكانت أول طلبية رسمية عام 1987 لطائرتين من طراز "إيرباص A310-304"، دخلتا الخدمة تباعاً، لترتفع وجهات الشركة بنهاية عام 1988 إلى 13 وجهة فقط بعد 38 شهراً من الانطلاق — بداية رسمت ملامح قصة نجاح عالمية.
استدامة النمو والتفوق
تبنّت "طيران الإمارات" مبدأ الاستدامة كنهج استراتيجي لنموها، دعماً لرؤية دبي في تعزيز قطاعات السياحة والتجارة والنقل الجوي. وشكّل عام 2005 علامة فارقة في تاريخها عندما وقّعت صفقة تاريخية لشراء 42 طائرة "بوينغ 777" بقيمة 9.7 مليارات دولار، وهي أكبر صفقة من نوعها آنذاك، واليوم، تُعد الشركة أكبر مشغّل لهذا الطراز في العالم.
وفي عام 2008، افتتحت "طيران الإمارات" المبنى رقم 3 في مطار دبي الدولي، ثم "الكونكورس A" عام 2013، أول منشأة مخصصة لطائرات "A380" عالميًا، كما حصدت عام 2014 لقب "العلامة التجارية الأكثر قيمة بين شركات الطيران" عالميًا.
شراكات وتكامل استراتيجي
واصلت "طيران الإمارات" بناء تحالفات نوعية، من أبرزها شراكتها الاستراتيجية مع "فلاي دبي" عام 2017، ما وسّع شبكتها المشتركة ومنح المسافرين خيارات أوسع، كما وقّعت في 2019 عقداً لشراء 30 طائرة "بوينغ 787" بقيمة 8.8 مليارات دولار، وفي السنة المالية 2024 – 2025، حققت أرباحاً قياسية بلغت 19.1 مليار درهم، انعكاساً لأدائها التجاري القوي واستراتيجيتها المرنة.
دعامة للاقتصاد الوطني
تحولت طيران الإمارات إلى ركيزة أساسية في اقتصاد دبي والإمارات، حيث قدّرت دراسة "أكسفورد إيكونوميكس" مساهمة مجموعة الإمارات في اقتصاد الإمارة عام 2023 بنحو 75 مليار درهم، أي ما يعادل 15% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات بارتفاعها إلى 144 مليار درهم بحلول 2030، كما توفر المجموعة أكثر من 121 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في قطاعات الطيران والضيافة والخدمات الأرضية والصيانة.
ريادة رقمية ومرونة عالمية
خلال العقد الأخير، أثبتت "طيران الإمارات" قدرتها على مواجهة الأزمات العالمية، خاصة جائحة "كوفيد-19"، بفضل نموذج تشغيلي مرن واستثمار متواصل في التحول الرقمي، فخلال عشر سنوات، نقلت أكثر من 456 مليون مسافر، وخفضت مديونيتها من 92.5 إلى 7.9 مليارات درهم، وارتفعت سيولتها إلى 49.7 مليار درهم، ما منحها مرونة مالية غير مسبوقة في قطاع الطيران.
استثمار في الإنسان والمستقبل
يُعد العنصر البشري جوهر نجاح الشركة، إذ يعمل أكثر من 54 ألف موظف يشكّلون العمود الفقري لإنجازاتها، وبلغت إنتاجية الموظف الواحد أكثر من 2.2 مليون درهم سنوياً، في مؤشر على الكفاءة التشغيلية العالية.
كما تستعد الشركة لمستقبلها بأسطول تحت الطلب يضم 304 طائرات جديدة من أحدث طرازات "إيرباص" و"بوينغ"، لتعزيز كفاءتها البيئية وقدراتها التشغيلية.