واحدة من الصحابيات الشهيرات اللاواتي عاصرن عهد النبوة وكان لهن مواقف في التاريخ لا تنسي هي الصحابية الجليلة أم سليم بنت ملحم رضي الله عنها.
كانت من السيدات المجاهدات التي حضرت العديد من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تنصره ، وتدافع عنه ، وتواجه الكفار مثلها مثل الرجال ففي غزوة أحد ، وغزوة حنين كانت تذهب ، ومعها خنجر فعن ثابت عن أنس قال : أن أم سليم اتخذت حنجرًا يوم حنين فقال : أبو طلحة يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر ! فقالت : يا رسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه.
فعُرفت هذه السيدة بالشجاعة ، وقوة الإيمان فكانت خادمة في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندما تقدم لها أبو طلحة الأنصاري ليعرض عليها الزواج فقالت له في ثقة ، وإيمان أن هناك شرط لتحقيق القبول ، والموافقة ، وهو أن يعتنق الدين الإسلامي ، وبالفعل دخل أبو طلحة في الإسلام ، وتزوج من أم سليم بنت ملحان التي عُرفت بأم أنس بن مالك.
تميزت أم سليم بالحكمة والصبر، فيروي ابنها أنس أنه يوم أن مات أخوه أبو عمير أسدلت عليه أم سليم ثوبًا، وصبرت. ولما عاد أبو طلحة إلى منزله أطعمته، ثم تطيّبت له فأصابها ثم قالت له: «يا أبا طلحة، إن آل فلان استعاروا من آل فلان عارية، فبعثوا إليهم أن ابعثوا إلينا بعاريتنا، فأبوا أن يردوها»، فقال أبو طلحة: «ليس لهم ذلك؛ إن العارية مؤداة إلى أهلها». فقالت: «فإن ابنك كان عارية من الله، وإن الله قد قبضه فاسْتَرْجِعْ» وقال أنس: «فأُخبر النبي»، فقال: «بارك الله لهما في ليلتهما»، فأنجبت ولدها عبد الله.
كما كانت أم سليم شديدة التعظيم للنبي محمد وتتبرك به، فيروي أنس أن النبي محمد دخل بيتها يومًا وهي ليست فيه، فنام على فراشها، فانتظرت حتى استيقظ وأخذت تنشّف عرقه من على الفراش وتعتصره في قارورة لها، فسألها النبي محمد عمّا تصنع، فقالت: «يَا رَسُولَ اللهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا.»
وقد أورد البخاري حديثًا عن جابر بن عبد الله أن النبي محمد قال: «رَأَيْتُنِى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بِلاَلٌ. وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لِعُمَرَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ»، وهي شهادة من النبي محمد بأنها من أهل الجنة.