قدمت الدكتورة ميادة عكاوي، المتخصصة في التفسير وعلوم القرآن، اليوم، حلقتها الـ30 والأخيرة لشهر رمضان 2024 عبر منصة أخبار سعادة، بعنوان "أسماء سور القرآن" لمعرفة أسماء سور القرآن الكريم ومناسبتها وأسرارها، في شهر رمضان المبارك.
وتناولت "عكاوي" سورة الناس وهي السورة المائة والرابعة عشرة في ترتيب المصحف، مسك الختام في سور القرآن، مفتاحها استعاذة مهيبة المقام بربِّ ومَلِك وإله الناس، و ختامها اعتصامٌ من أوهام الناس، وسرها –والله أعلم- في "صدور الناس".
واسترشدت "عكاوي" بقول البقاعي: "ومقصودها الاعتصام بالِإله الحق، من شر الخلق الباطن".
وقالت إنها تشوقت لمعرفة سر سورة الناس التي تفوح عطراً مسكه ختام القرآن، تفيض اعتصاماً وأُنساً وحناناً وحماية كأنها وصية الله الحانية الشافية الكافية في ختام كتابه الخاتم للناس جميعاً؛ فخاطبت العقل الباطن بلغة أشواقه الروحية، فالناس جميعاً في قرارة نفوسهم يبحثون عن رب يرعاهم ويرزقهم ويؤمن احتياجاتهم، وملك يملكهم ويكونون في سلطانه، وإله يعبدونه- فالرب في اللغة الراعي، والملك السلطان، والإله المعبود- فكأنه –والله أعلم- يأمر سبحانه في هذه السورة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لتعليم الناس اللجوء والاستعاذة بالله الجامع لصفات العظمة المتفرد بالربوبية والمُلك والألوهية من شر الوسوسة والغواية الخفية بالمعصية والتشكيك في الإله والفزع من الحياة، لترشدنا السورة أن كل ذلك أوهام وشكوك وظنون وصوت خفي في الصدور يخنس ويختفي بذكر الله والاعتصام به؛ وفيها تطمين للإنسان بأن كل ما تخافه وترجوه في ملك الله وسلطانه وهو سبحانه القادر على أن يحميك ويعصمك.
وأضافت "عكاوي": نجد دلالة بليغة في "الصدور" فهي سر السورة –والله أعلم- لأن في الصدور القلوب التي نعقل بها ونبصر بها الحقائق ونطرد الأوهام، بدليل قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[الحج:56]، فيالها من قلوب و يا لها من صدور إن صلحت وكَمُلَ إيمانها تحلو بها الحياة وتسعد بها الناس في الدنيا والآخرة، فهنيئاً لنا بسورة الناس تعويذة ربانية من الشرور النفسية، فلنتعوذ بها صباح مساء ولتكون ورداً نروي بها قلوبنا ونشفي بها صدورنا، متوكلين على الله موقنين بحمايته وعنايته وعصمته، كما علمنا بقوله: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾[الناس:1-6]، اللهم بسر سورة الناس مسك ختام كتابك، اختم لنا أمورنا كلها بمسك من عندك أبداً ما أحييتنا، لنلقاك بصدور يقينها مسك فاللهم تقبل منا وأَعظِم مِسكها.