يجعلنا هذا الموضوع نطرح قضية ليست جديدة، لكنها تحمل أطرافًا مستدامة تتصل بالنهضة والقوة الوطنية، حيث يبرز الدور العميق للتحول الرقمي في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول الخليج.
يُعد التحول الرقمي ركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية، كما يظهر في رؤية الإمارات، ورؤية السعودية 2030، والمبادرات الإقليمية الأخرى، فالهدف الرئيس هو توظيف التقنيات الرقمية لتعزيز الاقتصاد المعرفي وتنويع مصادر الدخل، وهنا يبرز سؤال جوهري: هل نحن مستعدون أمام التأثيرات الإيجابية للتحول الرقمي كما نحن جاهزون لمواجهة الجوانب السلبية المحتملة؟.
على الصعيد الاقتصادي، أتاح وجود بنية تحتية رقمية قوية للحكومات تقديم خدمات ذكية وسهلة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والتعاملات المالية، كما فتح المجال أمام استثمارات جديدة وجذب رؤوس الأموال والأعمال التقنية، وأسهم في خلق وظائف حديثة في مجالات مثل البرمجة والأمن السيبراني وتحليل البيانات.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد ساهم التحول الرقمي في تمكين الشباب والنساء، ونشر الثقافة الرقمية بين أفراد المجتمع، وتسهيل التعاملات الحياتية من خلال الخدمات الإلكترونية والشبكات الحديثة.
ومع ذلك، لا يخلو التحول الرقمي من تحديات، أبرزها الحاجة إلى تطوير المهارات الرقمية المجتمعية، وزيادة الاستثمار في حوكمة البيانات وحمايتها، ومع أن التحول الرقمي يمثل منطلقًا رئيسيًا للتنمية المستدامة، فإنه يتطلب وعياً مجتمعياً يوازن بين توظيف التقنية والحفاظ على القيم الوطنية.
كثيرون يتساءلون: هل اعتمادنا على الرقمنة إيجابي بالمطلق؟ صحيح أنها أداة تمكين، لكن الغاية تبقى الإنسان ذاته، واحترام أسلوبه في الحياة وصون كفاءته، فالرقمنة تدعم الثقة في الأداء، لكنها لا تعني بالضرورة الاستغناء عن الثقة بالكفاءات البشرية، وهنا تبرز الثغرة التي قد تظهر إذا غاب تطوير العلم والتعليم.
إن التوجيه الذكي للتحول الرقمي يجب أن يقودنا إلى إدراك أهمية عدم المساس بالوطنية، بل جعله وسيلة لصنع الفرص وتعزيز الانتماء، فالمجتمع لا يحتاج فقط إلى التعلم من أجل سلوك مستدام، بل إلى وعي عميق بأن توظيف الرقمية يشكل حماية، واستثماراً، وطريقاً نحو تفعيل العلاقة بين الركائز الأساسية للتنمية، وبين صحة اللجوء إلى التحول الرقمي باعتبارها لغة العصر الحديث.