أعلن معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي عن نجاحه في تصميم وبناء واختبار أول محرّك صاروخي يعمل بالوقود السائل داخل دولة الإمارات، في إنجاز استراتيجي يعزز القدرات الوطنية في قطاع الفضاء ويمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء التقني في مجال أنظمة الدفع الفضائي.
ويُعد هذا النوع من المحركات عنصراً محورياً في تقنيات استكشاف الفضاء الحديثة، إذ يشكّل الأساس لتطوير مركبات الإطلاق القابلة لإعادة الاستخدام التي تتيح وصولاً منتظماً ومستداماً إلى الفضاء، وتسهم في دعم المهمات العلمية والاستكشافية المستقبلية.
وبفضل هذا الإنجاز، أصبحت الإمارات قادرة على تصميم أنظمة الدفع الخاصة بالمناورات المدارية، والحفاظ على مواقع الأقمار الصناعية وضبط اتجاه المركبات الفضائية بدقة عالية، إضافة إلى تمكينها من تنفيذ مهمات مستقبلية إلى القمر والمريخ.
ويتميز المحرّك المطوّر بقدرته على إنتاج قوة دفع تبلغ 250 نيوتن، أي ما يعادل القوة اللازمة لرفع 25 كيلوغراماً على سطح الأرض، وتم تطويره بالكامل داخل الدولة.
وتُستخدم هذه الفئة من المحركات عادة في أنظمة دفع الأقمار الصناعية الصغيرة وفي عمليات المناورة المدارية، ما يجعلها ركناً أساسياً في تطوير القدرات الذاتية للتنقل الفضائي.
وخلال سلسلة من الاختبارات الدقيقة، حقق المحرّك كفاءة احتراق وصلت إلى 94 في المئة، ونفّذ أكثر من 50 عملية إطلاق ناجحة، بما يؤكد دقة تصميمه وموثوقية أدائه واستقراره، وهي معايير أساسية لاعتماده في المهمات الفضائية المستقبلية.
ويضم برنامج تطوير المحركات الصاروخية العاملة بالوقود السائل في المعهد نخبة من المهندسين الإماراتيين إلى جانب خبراء دوليين، بهدف تأسيس قاعدة معرفية تسهم في تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز مكانة الدولة كمركز إقليمي في مجال تكنولوجيا الفضاء.
وتم تنفيذ الاختبارات الأولية للمحرّك في مرافق شركة "إيربورن إنجنيرينغ" في المملكة المتحدة ضمن إطار تعاون دولي، فيما يجري حالياً إنشاء بنية تحتية متكاملة للاختبارات داخل الدولة تتيح إجراء تجارب التدفق البارد وإطلاق المحركات محلياً، بما يعزز استمرارية الابتكار والتطوير.
وتتضمن الخطط المستقبلية توسيع نطاق أنظمة الدفع لتشمل محركات أكبر حجماً، والانتقال إلى استخدام الوقود المبرد لدعم مهمات الفضاء العميق، بما يرسخ الدور المتنامي لأبوظبي في قيادة جهود الاستكشاف الفضائي العالمي.