في إنجاز استثنائي يجسد روح التحدي والإصرار، كتبت الأمريكية ناتالي غرابو اسمها في سجلات التاريخ الرياضي بعدما أصبحت، عن عمر يناهز الثمانين عامًا، أكبر امرأة على الإطلاق تُكمل بطولة العالم للرجل الحديدي (Ironman World Championship) التي أُقيمت في كونا بجزيرة هاواي يوم السبت الماضي.
غرابو، القادمة من ولاية نيوجرسي، قطعت مسافات السباق الثلاثية الصعبة التي تشمل 3.8 كيلومترات سباحة، و180 كيلومترًا على الدراجة، و42 كيلومترًا جريًا، لتصل إلى خط النهاية بزمن 16 ساعة و45 دقيقة و26 ثانية، متصدرة فئة السيدات (من 80 إلى 84 عامًا)، في مشاركتها العاشرة ضمن هذا الحدث العالمي المرموق.
رحلة بدأت في الستينيات
قصة غرابو مع رياضة الثلاثي بدأت في ستينيات عمرها، بعد سنوات طويلة من ممارسة رياضة الجري، وخلال تلك الفترة، طوّرت شغفًا خاصًا بسباقات التحمل الطويلة التي تتطلب قوة جسدية وإرادة ذهنية عالية.
وكانت قد تأهلت لبطولة هذا العام بعد مشاركتها في سباق الرجل الحديدي بولاية ماريلاند، الذي أنهته بزمن 15 ساعة و53 دقيقة، لتصبح أول امرأة تكمل السباق في فئة (من 75 إلى 79 عامًا).
وفي تصريحاتها قبل سباق كونا، قالت غرابو إن جميع المشاركين في هذه الرياضة يسعون لتحقيق نتائج جيدة، لكن بالنسبة لها تبقى الرحلة أهم من الوصول.
وأوضحت: "في مثل أعمارنا، قد لا يتذكر الناس ترتيبك في السباق، لكنهم يتذكرون ابتسامتك وروحك الإيجابية"، مضيفة أنها ممتنة جدًا لقدرتها على الاستمرار في ممارسة الرياضة التي تحبها.
كسر الرقم القياسي السابق
بهذا الإنجاز، تجاوزت غرابو الرقم القياسي الذي كانت تحمله شيري غرونفيلد، عضو قاعة مشاهير الرجل الحديدي، والتي كانت قد أكملت سباق كونا بعمر 78 عامًا.
واعتبر المنظمون إنجاز غرابو دليلًا على أن العمر ليس عائقًا أمام الطموح، واحتفوا بها على منصات التواصل الاجتماعي بوصفها "أيقونة التحمل"، مرفقين منشوراتها بعبارة "العمر مجرد رقم".
من الرياضة إلى الإلهام
لم يكن إنجاز ناتالي غرابو مجرد انتصار رياضي، بل أصبح رمزًا للإرادة الإنسانية، حيث ألهم الآلاف من عشاق الرياضة حول العالم لتحدي حدودهم الجسدية والنفسية.
ويؤكد الخبراء أن إنجازها سيسجَّل كأحد أبرز لحظات بطولة الرجل الحديدي في تاريخها الممتد لأكثر من أربعة عقود.
منافسات المحترفات
وفي فئة المحترفات، واصلت النرويجية سولفي لوفست تألقها، محرزة اللقب بزمن 8 ساعات و28 دقيقة و27 ثانية، متقدمة على البريطانية كات ماثيوز التي حلّت ثانية، بينما جاءت الألمانية لورا فيليب، بطلة عام 2024، في المركز الثالث.
أما منافسات الرجال فكانت قد أُقيمت في سبتمبر الماضي، بمشاركة أكثر من 1700 متسابق ومتسابقة من مختلف أنحاء العالم، خاضوا تحديًا قاسيًا وسط درجات حرارة مرتفعة ورطوبة عالية، لتبقى البطولة عنوانًا للصلابة والقدرة على تجاوز المستحيل.
إرث ممتد
بهذا الإنجاز، تبرهن ناتالي غرابو أن الشغف لا يعرف سنًا، وأن الإصرار قادر على كسر القيود الجسدية والنفسية، فقصتها لم تعد مجرّد خبر رياضي، بل رسالة ملهمة لكل من يرى أن الوقت فات لتحقيق أحلامه، إذ تثبت أن الطريق إلى النجاح لا تحده السنوات، بل تقوده الإرادة.