في زمنٍ يتسارع فيه إيقاع الحياة وتزداد فيه الضغوط اليومية، بات النوم آخر ما يفكر به كثيرون، إذ يضحي البعض بساعات الراحة من أجل العمل أو الترفيه أو الانشغال المستمر بالأجهزة الذكية، غير مدركين أن قلة النوم لا تقتصر على الشعور بالتعب فحسب، بل تترك آثاراً عميقة في صحة الدماغ والجسم معاً.
ووفقاً لتقرير إحصاءات النوم لعام 2025 الذي نشرته صحيفة إنديان إكسبريس، فإن نحو ثلث البالغين حول العالم لا يحصلون على الحد الأدنى الموصى به من النوم، أي سبع ساعات ليلاً، وهو ما ينعكس مباشرة على مستويات التركيز والمزاج والطاقة اليومية.
تعطّل في وظائف الدماغ
وتحذر الدكتورة نيتو جين، الاستشارية الأولى في أمراض الرئة والعناية المركزة وطب النوم بمستشفى PSRI، من أن النوم لمدة ساعتين فقط ليلاً لفترات طويلة يسبب تعطلاً واضحاً في وظائف الدماغ، وتوضح أن "قلة النوم تقلل من قدرة الدماغ على معالجة المعلومات واتخاذ القرارات، كما تضعف الذاكرة والانتباه".
وتضيف أن "الآثار لا تتوقف عند الجانب الذهني، بل تمتد لتشمل المظهر الخارجي أيضاً، حيث يصبح الجلد باهتاً مع تراجع إنتاج الكولاجين، وتظهر الهالات السوداء نتيجة تمدد الأوعية الدموية الدقيقة تحت العينين".
اختلالات هرمونية ومضاعفات صحية
وتشير جين إلى أن الحرمان من النوم يؤدي إلى اضطراب في الهرمونات المسؤولة عن الشهية، إذ يرتفع هرمون الجوع (الغريلين) ويقل هرمون الشبع (الليبتين)، ما يدفع إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.
كما أن قلة النوم المزمنة ترتبط بمخاطر طويلة المدى مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكري، والاكتئاب، وفقدان الذاكرة، فضلاً عن ضعف قدرة الدماغ على التخلص من السموم، ما يرفع احتمال الإصابة بأمراض عصبية مثل الزهايمر.
حلول مؤقتة لا تغني عن النوم الحقيقي
وتنصح الدكتورة جين الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على قسط كافٍ من النوم بأخذ قيلولة قصيرة مدتها بين 20 و30 دقيقة، مع شرب الماء بانتظام، وتناول وجبات متوازنة، والتعرض للضوء الطبيعي للمساعدة في البقاء متيقظين مؤقتاً، مؤكدة أن هذه الحلول لا يمكن أن تعوّض عن النوم الليلي السليم.
وتوصي بزيادة ساعات النوم تدريجياً بمعدل يتراوح بين 30 و60 دقيقة يومياً، مع الالتزام بموعد نوم ثابت وتجنب الكافيين والشاشات قبل النوم، للحفاظ على توازن صحي للجسم والعقل.