12 أكتوبر 2025
د. آمنة مهنا الكعبي تكتب: مهارة حل المشكلات وإيجاد الحلول.. بصيرة العقل ونضج التجربة

في رحلة الحياة، لا أحد ينجو من مواجهة المشكلات، تتخذ أحيانًا شكل تحدياتٍ صغيرةٍ تمرّ كغيمةٍ عابرة، وأحيانًا تكون كالعاصفة التي تختبر ثباتنا وصبرنا، وهنا تتجلّى واحدة من أهم المهارات الإنسانية والقيادية على الإطلاق: مهارة حل المشكلات وإيجاد الحلول.

إنها تلك القدرة العقلية والوجدانية التي تمكّننا من النظر إلى العقبات لا كحواجز، بل كفرصٍ للفهم والنموّ، إنها لحظة النضج التي يتحوّل فيها السؤال من "لماذا حدث هذا؟" إلى "كيف يمكن أن أتعامل معه؟".

إذًا ماهي مهارة حل المشكلات؟ 
هي القدرة على فهم المشكلة بعمق، وتحليل أسبابها، وتحديد جذورها، ثم البحث عن حلول واقعية ومبتكرة.

إنها ليست مجرد خطوة فكرية، بل عملية ذهنية وروحية متكاملة، تبدأ بالهدوء وتنتهي بالقرار.

فمن يجيد حل المشكلات لا ينفعل، بل يتأمل. لا يهرب، بل يواجه. لا يلوم، بل يبحث عن طريقٍ يضيء الظلمة.

ما أهمية مهارة حل المشكلات؟ 
تكمن أهميتها في أنها تمنح الإنسان المرونة والقدرة على التكيّف مع التغيرات، فالحياة لا تُقاس بغياب المشكلات، بل بقدرتنا على تجاوزها بوعي.

الذي يمتلك هذه المهارة يعيش بثقة، ويتقدّم بثبات، ويُلهِم من حوله بروح القيادة والاتزان، إنها مفتاح النجاح في كل مجال، لأنها تخلق شخصًا قادرًا على تحويل الأزمات إلى فرص، والمواقف الصعبة إلى دروس ثمينة.

كيف يمكن اكتساب مهارة حل المشكلات؟
مهارة حل المشكلات ليست موهبة فطرية فقط، بل يمكن تطويرها بالممارسة والتفكير المنهجي.

1. الهدوء والتأمل عند مواجهة أي مشكلة. 
لأن الانفعال يعمي البصيرة، وكثيرًا ما يصيبنا الهلع عند مواجهة المشكلات مما قد يشل قدرتنا على التفكير المنطقي، وقد يجعلنا ذلك نتخذ إجراءت خاطئة أو قرارات نندم عليها لاحقًا.

2. تحليل الموقف بموضوعية، وفهم الأسباب قبل التفكير في الحلول.

3. توليد عدة خيارات بدلًا من التمسك بحل واحد.

4. تجريب الحلول ومراجعتها، فالمرونة جزء أساسي من الذكاء العملي.

5. التعلّم من التجربة، فكل مشكلة تُهديك معرفة جديدة.

6. اعتبار المشكلة صورة والنظر للمشكلة من خارج إطارها وليس من داخل الصورة، لأستطيع أن أرى المشكلة كاملة وأقدر حجمها فيسهل علي إيجاد حل لها، وهذه تعلمتها من أستاذتي في البحوث.

7. الثقافة العامة في جميع المجلات ذات الصلة، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في حل المشاكل المشابهة.

المقدرة على حل المشكلات تعتبر مهارة من مهارات القيادة
فالقائد الحقيقي لا يقف عند حدود توجيه الآخرين، بل يُتقن فنّ معالجة التحديات.

في الأسرة، في العمل، في المجتمع، وحتى في أبسط العلاقات، يظهر جوهر القيادة في القدرة على التهدئة وقت الأزمات، وتوجيه البوصلة نحو الحلول.

القائد الذي يحسن حلّ المشكلات يُشعر الآخرين بالأمان، لأنه لا يغرق في المشكلة، بل يبحث عن المخرج منها بحكمة وهدوء.

ما أهمية هذه المهارة  في مجالات الحياة؟
في الدراسة:
يواجه الطالب عقباتٍ متعددة، صعوبة المواد، ضغط الوقت، القلق من الفشل، وهنا تبرز مهارة حل المشكلات كأداةٍ للتنظيم، وللبحث عن طرقٍ جديدة للتعلّم والفهم بدلاً من الاستسلام.

في العمل:
هي أساس النجاح المهني، فكل بيئة عمل تحتوي على مشكلات، من سوء التنسيق إلى ضغوط الإنجاز، فالموظف الذي يجيد حلها يصبح عنصرًا قياديًا مؤثرًا، لا ينتظر الحل بل يصنعه.

في الأسرة:
البيت الذي تسوده هذه المهارة هو بيتٌ آمن ومستقر، تُحلّ فيه الخلافات بالحوار، ويُربَّى فيه الأبناء على التفكير لا على الانفعال، فالأسرة التي تتعلّم كيف تواجه مشكلاتها تُورث أبناءها الحكمة قبل أي إرث آخر.

انعكاسات مهارة حل المشكلات  الإيجابية
حين يتحوّل حل المشكلات إلى أسلوب حياة، يصبح الإنسان أكثر هدوءًا، واثقًا في قراراته، مطمئنًّا في خطواته.

إنها المهارة التي تُعيد ترتيب الفوضى الداخلية، وتمنحنا توازنًا بين العقل والعاطفة.

فمن يحسن التعامل مع التحديات لا يُرهقه القلق، ولا تُضعفه الهزات، بل يخرج من كل تجربة أقوى وأوعى وأكثر نضجًا.

وفي الختام، إن امتلاك مهارة حل المشكلات هو امتلاك لبوصلة الحكمة في دروب الحياة.

هي مهارة القائد، وميزة المتزن، وراحة العارف أن كل أزمة تحمل في طيّاتها بذور الحل.

فما دامت لدينا لدينا القدرة على التفكير والإيمان بوجود  مخرج فلن تغلق أمامنا الأبواب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكترونى

كل التعليقات

طلبات الخدمات
تواصل معنا
جميع الحقوق محفوظة لصالح سعادة نيوز© 2025
Powered by Saadaah Enterprises FZ LLE